أولاً: التعريف بحوالة الدين:
(1) تعريف:
حوالة الدين هي حلول مدين جديد يقال له (المحال عليه) محل المدين الأصلي في الوفاء بالتزام هذا الأخير، وذلك باتفاق يتم بين المحال عليه وبين المدين الأصلي، أو بين المحال عليه والدائن.
ومن أمثلة حوالة الدين، أن يكون على أ دين مقداره 5000 جنيه لصالح ب ، فيتفق أ مع ج، أو يتفق ب مع ج على أن يحل ج محل أ في الوفاء بالدين لصالح ب.
(2) أهميتها العملية:
حوالة الدين قليلة الوقوع في الحياة العملية على عكس حوالة الحق، لأنه يندر أن يتحمل شخص التزامات شخص آخر بالإضافة إلى تحمله التزاماته هو، فبالرغم من ذلك فإن الحوالة قد تقع لتحقيق أغراض معينة فإما أن تكون في صورة قرض وفيها يقرض المحال عليه المدين الأصلي مبلغ الدين ولكنه لا يقرضه مبلغ القرض نقداً، وإنما يتحمل بدلاً عن الوفاء بالتزامه ثم يعود عليه بعد ذلك في استيفاء ما وفاه.
وقد تأخذ حوالة الدين شكل التبرع كما لو تبرع المحال عليه بالوفاء بدين المدين الأصلي دون مقابل كما يحدث حينما يوفي شخص فاتورة للخدمات العامة لمصلحة شخص آخر تبرعاً ومساعدة منه حتى دون أن يعلم المدين الأصلي، أو حتى على الرغم من معارضته، وقد تأخذ حوالة الدين صورة وفاء دين على المحال عليه لمصلحة المدين الأصلي كما لو كان المحال عليه مديناً للمدين الأصلي فيتفق معه على أن يحيل له دينه قبل شخص آخر فيوفي المحال عليه هذا الدين وتبرأ ذمته في نفس الوقت منه دينه تجاه المدين الأصلي.
ثانياً: حوالة الدين باتفاق المدين الأصلي والمحال عليه:
تنعقد حوالة الدين في هذه الصورة باتفاق بين المدين الأصلي (المحيل) والمدين الجديد (المحال عليه) ولكنها لا تنفذ في حق الدائن إلا بإقراره بها. وإذا نفذت في حقه ترتبت آثارها بحلول المدين الجديد محل المدين الأصلي في الوفاء بالالتزام.
(1) انعقاد الحوالة بين المدين والمحال عليه:
إن حوالة الدين تنعقد بمجرد الاتفاق بين المدين الأصلي والمحال عليه وينطبق على هذا الاتفاق القواعد العامة التي تحكم العقود بوجه عام، فليس هناك خصوصية تميز اتفاق الحوالة عن غيره من العقود.
(2) نفاذ الحوالة في حق الدائن:
إذا انعقد ت الحوالة باتفاق بين المدين الأصلي والمحال عليه، فإن الدائن لا يكون طرفاً فيها. ومن المنطقي أنه لن يجبر على قبول مدين جديد لا يرضي به يحل محل المدين الأصلي، لأن علاقة الدائنية تقوم على اعتبارات شخصية لا تتوفر بالنسبة لكل الناس. ولذا اشترط القانون المدني المصري لنفاذ هذه الحوالة في حق الدائن أن يقر به إقراراً صريحاً أو ضمنياً.
والإقرار الصريح يعني أن يعلن الدائن صراحة قبوله لحلول المدين الجديد (المحال عليه) محل المدين الأصلي في الوفاء بالالتزام والإقرار الضمني يكون باتخاذ موقف يقع دلالته على قبول المدين للحوالة مثل أن يقبل وفاء جزئياً من المحال عليه أن يتفق معه على تقسيط الدين، أو يقبل الوفاء منه.
ولا يجبر الدائن على قبول حوالة الدين التي تتم بين المدين الأصلي والمحال عليه، كما أنه لا يجب عليه أن يبدي قبولاً أو رفضاً لهذه الحوالة في خلال مدة معينة.
لكن القانون المدني المصري رأى أنه قد يكون من مصلحة المحال عليه أو المدين الأصلي معرفة وقف الدائن تجاه الحوالة لذلك، أجاز القانون المدني المصري لأى منهما أن يعلن الدائن بالحوالة، ولا يشترط أن يكون الإعلان رسمياً ثم يحدد له مدة محددة معقولة، يجب على الدائن أن يبدي فيها موقفه إما بالقبول أو بالرفض، فإذا مضت هذه المدة دون إبداء قبول أو رفض اعتبر سكوت الدائن رفضاً للحوالة.
حالة خاصة:
وفقاً لنص القانون فإنه في حالة بيع العقار المرهون، واتفاق البائع (المدين الراهن) مع مشتري العقار على حوالة الدين المضمون بالرهن من البائع إلى المشترى فإن القانون المدني المصري قد يسر في هذه الحالة السبيل أمام المحال عليه لكي يتبين له موقف الدائن من هذه الحوالة في أسرع وقت حتى تجمع المسؤولية الشخصية والعينية في شخص واحد هو مشترى العقار المرهون بدلاً من تفرقها بين البائع والمشترى وما يستتبع ذلك من تعقيد في المعاملات يرهق المتعاملين والقاضي الذي ينظر النزاع في آن واحد.
وبذلك فإنه على المحيل أو المحال عليه لأى منهما بعد تسجيل عقد بيع العقار المرهون إعلان الدائن بالحوالة إعلاناً رسمياً، ويجب على الدائن في خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ إعلانه إبداء موقفه إزاء هذه الحوالة إما بالقبول وإما بالرفض، فإذا سكت دون أن يبدي رأياً في خلال هذه المدة اعتبر سكوته موافقة على الحوالة.
وهذه تعتبر حالة خاصة تختلف عن القاعدة العامة التي تحكم نفاذ الحوالة في حق الدائن.
3 – آثار الحوالة:
تنشئ حوالة الدين التي تنعقد باتفاق بين المدين والمحال عليه ثلاثة أنواع من العلاقات، علاقة بين المدين الأصلي والمحال عليه، وعلاقة بين الدائن والمحال عليه، وعلاقة بين الدائن والمدين الأصلي.
أ – آثار الحوالة في علاقة المدين الأصلي بالمحال عليه:
تختلف هذه الآثار قبل إقرار الدائن بالحوالة وعند الرفض وبعد إقراره لها.
1 – قبل إقرار الدائن للحوالة وعند الرفض:
الحوالة عقد يتم بين المحيل والمحال عليه بالتراضي وتنفذ هذه الحوالة فيما بينهما بمجرد انعقاد العقد ، وبالتالي يلتزم المحال عليه بمجرد انعقاد الحوالة قبل المدين الأصلي بالوفاء للدائن في الوقت المناسب ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. كما يسرى هذا الحكم حتى ولو رفض الدائن الحوالة.
وقد سوى المشرع أثناء العلاقة بين المحيل والمحال عليه في الحكم قبل إقرار الدائن للحوالة وعند رفضه لها على أساس استقلال هذه العلاقة عن العلاقات الأخرى.
ولكن لا يجوز للمدين الأصلي أن يطالب المحال عليه بالوفاء للدائن، إذا كانت الحوالة بعوض، مادام هو لم يقم بما التزم به نحو المحال عليه بمقتضي عقد الحوالة وذلك تطبيقاً لقاعدة الدفع بعد التنفيذ.
2 – بعد إقرار الدائن بالحوالة:
إذا أقر الدائن الحوالة نفذت في مواجهته وأصبح دائناً للمحال عليه، ويترتب على ذلك براءة ذمة المحيل (المدين الأصلي) قبل الدائن من تاريخ إقراره. وبالتالي يتخلص المدين الأصلي بعد إقرار الدائن من الدين في مواجهة الجميع.
ب – آثار الحوالة في العلاقة بين الدائن والمحال عليه:
1 – قبل إقرار الدائن بالحوالة:
قبل إقرار الدائن بالحوالة ليس له الحق في أن يطالب المحال عليه بالوفاء بالحق لأن المدين بالنسبة إليه قبل الإقرار هو المدين الأصلي وليس المحال عليه.
ويستطيع المحال عليه في ذلك الوقت بالاتفاق مع المحيل على تعديل أحكام الحوالة فيما بينهما أو حتى العدول عنها، فنطاقها لا يتعدى العلاقة بينهما.
2 – بعد إقرار الدائن بالحوالة:
بمجرد قبول الدائن للحوالة يصبح المدين بالنسبة إليه هو المحال عليه وبالتالي يستطيع أن يطالبه بالوفاء بالدين كما لو كان هو المدين الأصلي بالنسبة إليه.
لكن قبول الدائن للحوالة حتى ينتج أثره لابد أن يصل إلى علم المحيل أو المحال عليه وبمجرد وصوله إلى علم أحدهما أنتج القبول أثره مع الأخذ في الاعتبار أن الحوالة لا تنشئ ديناً جديداً وإنما تنقل ديناً كان قائماً في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، ويترتب على ذلك:
- أن الدين ينتقل بصفته، إذا كان مدنياً أو تجارياً، وبأوصافه كأن يكون معلقاً على شرط أو مضافاً إلى أجل وتبعاته مثل أن يكون الدين يرتب فوائد أو عليه مصروفات.
- ينتقل الدين من المحيل إلى المحال عليه بضماناته إلا الكفالة سواء أكانت عينية أم شخصية لا تنتقل من المحيل إلى المحال عليه، إلا إذا وافق على ذلك الكفيل. لأن الكفالة عقد يقوم على اعتبارات شخصية بين الكفيل والشخص الذي يكلفه، وقد لا تقوم هذه الاعتبارات بينه وبين المحال عليه، لذلك اشترط القانون موافقة الكفيل لنقل كفالته من المحيل إلى المحال عليه.
- للمحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بكافة الدفوع التي كان للمدين الأصلي أن يتمسك بها مثل انقضاء الالتزام لأى سبب من أسباب الانقضاء ما عدا المقاصة لأن انعقاد الحوالة تعتبر نزولاً ضمنياً من المحيل عنها، كما يجوز للمحال عليه أن يتمسك في مواجهة الدائن بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة.
كما لو قام سبب لبطلان عقد الحوالة بين المحيل والمحال عليه، وبطلت هذه الحوالة بناء على طلب هذا الأخير، فإنه يستطيع أن يدفع رجوع الدائن عليه ببطلان الحوالة.
- وبعد إقرار الدائن بالحوالة لا يستطيع المحال عليه أن يعدل عن الحوالة أو يتنصل من التزامه بالوفاء بالدين للدائن دون سبب.
ج – آثار الحوالة بين الدائن والمدين الأصلي:
1 – قبل الإقرار:
قبل إقرار الدائن بالحوالة يعتبر المدين الأصلي هو المدين بالنسبة للدائن يستطيع أن يطالبه بالوفاء بالدين إذا كان ناجزاً وتبرأ ذمة المدين إذا وفاه له.
2 – بعد الإقرار:
تبرأ ذمة المدين الأصلي بعد إقرار الدائن للحوالة حيث يحل محله المحال عليه، لكن المدين الأصلي يضمن للدائن أن يكون المحال عليه موسراً وقت إقرار الدائن للحوالة ما يتم يتفقا على غير ذلك.
ثالثاً: حوالة الدائن باتفاق الدائن والمحال عليه:
إن حوالة الدين يجوز أن تنعقد باتفاق بين الدائن والمحال عليه وبالنسبة لأطرافها، وأيضاً بالنسبة للمدين الأصلي بمجرد تراضي الدائن والمحال عليه، ولا يشترط لنفاذها رضاء المدين ولا حتى علمه بها.
ومن أمثلة هذه الحوالة أن يقوم شخص بدفع فواتير الخدمات العامة لمصلحة شخص آخر، وذلك بالاتفاق مع مقدم الخدمة العامة دون حاجة للرجوع للمدين الأصلي.
وبمجرد انعقاد الحوالة بالاتفاق بين الدائن والمحال عليه تبرأ ذمة المدين الأصلي ويحل محله المحال عليه.